الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات،الحمد لله الذي خلق الارض والسموات،الحمد لله الذي علم العثرات،فسترها على اهلها و انزل الرحمات، ثم غفرها لهم و محا السيئات ، وله الحمد ملئ خزائن البركات، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات،وله الحمد ما تعاقبت الخطوات، وله الحمد عدد حبات الرمل في الفلوات، وعدد ذرّات الهواء في الارض و السموات، وعدد الحركات والسكنات...
سبحانه...سبحانه...سبحانه
الطّير سبّحه والوحش مجّده والموج كبّره و الحوت ن تجاه والنمل تحت الصخور قدّسه، والنّحل يهتف حمدا في خلاياه
الناس يعصونه جهرا فيسترهم والعبد ينسى وربي ليس ينساه
واشهد ان لا اله الّا الله لا مفرّج للكربات الا هو ولامقيل للعثرات الا هو ،ولا مدبّر للملكوت الاّ هو، مانزل غيث الاّ ولاّ بمداد حكمته، وما انتصر دين الاّ بمداد عزته، وما اقشعرّت القلوب الاّ من حكمته، وما سقط حجر من جبل الاّ من خشيته.
واشهد ان محمدا عبده ورسوله قام في خدمته وقضى نحبه في الدّعوة لعباده، واقام اعوجاج الخلق بشريعته، وعاش للتوحيد ففاز بخلته، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته، صلى الله عليك يا علم الهدى.
امّا بعد:
ايّها الاخوة و الاخوات ، المؤمنون والمؤمنات،لاتنسوا قول الرسول عليه الصلاة و السلام في حجة الوداع عندما ألقى خطبته الشهيرة " اوصيكم عباد الله بتقوى الله" فاتقوا الله حق التقوى،فهي سبيل الهدى والاعراض عنها سبيل الشقاء
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
عباد الله جواد لا يكبو، وصارم لا ينبو، وجند لا يهزم ، وحصن لا يهدم، فالنصر معه والفرج نهايته، وهو انصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد ، ومحلّه من الظفر كمحل الناس من الجسد...انه الصبر
نعم عباد الله انه الصبر الذي امر الله به فقال
{ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين } البقرة 153
بل ورتّب عليه خيري الدنيا والآخرة فقال((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)
واخبر عن مضاعفة اجره فقال((أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
بل لا تنال الإمامة في الدين الاّ بالصبر واليقين كما قال تعالى{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)
كما فوّزهم بمعيّة الله لهم { إن الله مع الصابرين}. وجمع الله الصابرين ثلاثة امور لم تجمع لغيرهم ، المغفرة و الرحمة و الرشد الى الصواب ، من خلال قوله سبحانه وتعالى(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
ايّها الاحبّة الصبر طريق المجد و سبيل المعالي،فالرفعة لا تنال الاّ بركوب المشقّات وتجرع الغصص فمن اختلط طريقا يبلغ به امانيه غير هذا فقد أخطأ، وما اصدق القائل:
" لا تحسب المجد تمرٌ انت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا"
ولذلك عباد الله علينا ان نعلم انه نحتاج الى الصبر في كل المجالات ، وفي كل الاوقات في الشدة و في الرّخاء. وقد قسّم العلماء - رحمهم الله- الصبر الى اقسام عدّة، باعتبارات مختلفة وعند النظر في هذه التقسيمات وتفحصها نجد انها وان تشبّعت فإنّها تندرج عموما تحت ثلاثة انواع او اقسام رئيسيّة تتمثّل في: